السلام عليكم

كنت أظن أن نزول الدرج أسهل بكثير من صعوده .. واتضح لي العكس ، ويمكن أن أثبت لك ذلك إذا اتفقنا في معنى الصعوبة والسهولة ..

الشيء الصعب لا يعني بالضرورة المرهق بدنياً ، فقد يكون لدينا لعبة ألغاز
يصعب حلها ولكنها غير مرهقة بدنياً، وأما سباق الجري فهي العكس لعبة سهلة
ولكنها مرهقة بدنياً . فالصعب هو : ما يصعب فعله ، مرهقاً كان أو غيرَ
مرهق .

فالطفل أول ما يتعلم صعود الدرج ثم يتعلم النزول من الدرج ، ومن يصعد
جبلاً يعرف ذلك ، أن الصعود مرهق جداً لكنه سهل ، كل ما تحتاج إليه هو وضع
رجلك على شيء ثابت وتصعد . بينما النزول من الجبل فهو العكس تماماً غير
مرهق لكنه صعب ، حيث تحتاج عند نزولك إلى وضع رجلك على شيء ثابت وفي نفس
الوقت يجب أن تثبت نفسك بشيء حتى لا تسقط وتندفع لأسفل ، ويحصل كثيراً أن
ينزلق أحدهم ويسقط من أعلى الجبل .

وإنما ننزل نحن الدرج بسرعة وبسهولة ذلك لأننا تمرسنا على استخدام الدرج ،
لكنه كان في بداية الأمر صعب ، وتتضح صعوبة النزول في سلم خشبي موضوع بشكل
رأسي لم نعتد استخدامه فسنجد أن النزول أصعب بكثير .

فالصعود = سهل + آمن + مرهق وشاق بدنياً

بينما النزول = صعب + خطر + غير مرهق أو شاق بدنياً

وبالمقارنة نعرف ..

أن الصعود إلى الله وعمل الطاعات < أسهل من < النزول واقتراف الذنوب

بينما الصعود إلى الله وعمل الطاعات شاقة على النفس > أكثر من > مشقة النزول واقتراف الذنوب على النفس

ويمكن استنتاج من ذلك أربعة أمور ، وهي :

أولاً / سهولة فعل الطاعات : ومما يدل على ذلك هو قوله تعالى : (( ادعوني
استجب لكم )) ، وهنا لم يشترط تعالى شروطاً عند الدعاء ، فكم هو سهلٌ
الدعاء وحصول الاستجابة . ومما يدل أيضاً على ذلك تلاوة القرآن الكريم ،
حيث لنا بتلاوته بكل حرف فيه عشر حسنات إلى أضعافٍ مضاعفات .

ثانياً / أن الطاعة مجهدة وشاقة على النفس : حيث أن مشقة فعل الطاعات تنبع
من أنفسنا وليس من فعل الطاعة نفسها ، فمتى ما زكينا أنفسنا هان علينا فعل
الطاعات ، يقول تعالى : (( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ))
أي نهى نفسه عن محبتها للنزول وكراهيتها للصعود وفعل الطاعات ، فهذا
العبدُ يكون مأواه عالياً كما قال تعالى : (( فإن الجنة هي المأوى )) .

ثالثاً / أن المعصية يُستسهل ارتكابها بعد اقترافها أول مرة : فأول ما
يعصي المؤمن معصية أو يرتكب كبيرة من الكبائر تكون صعبة على فطرته السليمة
، فسريعاً ما يندم ويتوب ، ولكن مع تمرسه على ارتكاب المعصية يستسهلها
وتكون سهلة بعد ذلك .

رابعاً / أن المعصية خطرة وزلقة : فانتبه أخي وانتبهي أختي من المعصية
أياً كانت .. فقد تودي بنا معصية في الهاوية ونسقط بسبب معصية واحدة من
أعلى الجبل .. يقول صلى الله عليه وسلم : (( وإن العبد ليتكلم بالكلمة من
سخط الله ، لا يلقي لها بالاً ، يهوي بها في جهنم )) رواه البخاري